آليات عمل المترجم التحريري المستقل الجزء الثاني


آليات العمل 2: الحاسوب والربط بالشبكة / البرامج الحاسوبية

بما أن زمن الحبر والأداة ولّى وبما أن استعمال الورق والقلم ينخفض، فقد استقمنا جميعا على الطريقة الحاسوبية إلى أن يأتي ما يخالف ذلك.يقول لي بعض الزملاء أنهم لا زالوا يستعملون الورق والقلم ليترجموا ويراجعوا نسختهم، ثم يطبعوا على الحاسوب أو يكلفوا من يفعل ذلك. وباعتبار أن هذه الحالات تبقى محدودة، فسنصطف مع السواد الأعظم العامل بالحاسوب من الألف إلى الياء.قد يتساءل القارئ الكريم بعد أن يقرأ عناوين فقرات هذا الفصل، إن كان من اللازم التطرق إلى مواضيع مثل الحاسوب والربط بالشبكة الخ... وهي وسائل متداولة ومعروفة ويعمل بها الناس منذ زمن. لكن يجب التنبيه إلى أن السلسلة تتطرق إلى هذه الوسائل من ناحية استعمالها المتخصص من طرف المترجم، فليس هذا درسا مبسطا عن قواعد الإعلامية لسكرتيرة تبحث عن عمل، بل هو منظور متخصص من زاوية استعمال هذه الآليات من طرف المترجم المحترف. وعليه أدعو الزملاء الكرام إلى الانطلاق من معطى أن خصائص حاسوب المترجم تختلف عن خصائص حاسوب الطبيب أو الفني في الإعلامية أو مهندس الديكور أو غيرهم من المتخصصين...
سنتطرق في حلقتنا هذه إلى الموضوعين التاليين:
1/ الحاسوب والربط بالشبكة
2/ البرامج الحاسوبية

1/ الحاسوب والربط بالشبكة
حاسوب شخصي (بي سي) أم ماكنتوش ؟
لا أرى أن المترجم مجبر على تعلم استعمال الماكنتوش إذا كان قد تعود على استعمال البي سي، كما لا أرى لزوما على المترجم أن يتخلى عن الماكنتوش ليعمل بالبي سي إذا كان متعودا على النظام الأول. لا بأس بالتذكير أن حواسيب الماك وأنظمتها كانت متفشية بطريقة كبيرة في العالم العربي إلى حدود سنة 2000 وخاصة لدى الحكومات والمؤسسات الوزارية وغيرها من الهيئات الرسمية والسبب بسيط: ماكنتوش هو أول نظام استعمل اللغة العربية وحروفها على الحواسيب. كما أن غالبية العاملين في مجال الصحافة والطباعة والنشر يستعملون حواسيب وأنظمة ماكنتوش أبل، وذلك لوظائفها المتخصصة في هذه المجالات.
نورد في ما يلي الخصائص الدنيا المطلوبة من حاسوب يستعمله مترجم محترف منتصب لحسابه:بالنسبة للعاملين بنظام أبل ماكنتوش، لا بد أن تكون سعة الذاكرة الحية 512 ميغا على الأقل ويمكن الاختيار بين:
Mac Miniوسعره ملائم لمن كانت ميزانيته محدودة.
Emacوهو آلة متكاملة.
Imacوهو الأقوى في السلسلة، لمن يود الاستثمار في وسيلة إنتاج. زيادة على أن الشركة أنتجت منذ مدة وجيزة Imac Intel الذي يشتغل على كلا النظامين: ويندوز وماك.
أما بالنسبة لمن يفضل البي سي:
فأي حاسوب يفي بالغرض شريطة أن تكون سعة ذاكرته الحية 512 ميغا على الأقل، ووحدته المركزية تستعمل معالج بانتيوم 4 فما فوق.
تُعتبر البيانات التقنية الواردة أعلاه صالحة للحاسوب المكتبي والحاسوب المحمول على السواء.
الشاشة: لنتذكر أننا نجلس لمدة ساعات طويلة أمام الشاشة، وعليه يتوجب أن نولي أهمية إلى خصائص الشاشة ونوعها، محافظة على أبصارنا. وبما أن أسعار شاشات الكريستال السائل (LCD Monitor) قد انخفضت، فلعلها الأفضل بالنسبة لجودة الإفرازات الضوئية والمحافظة على بصر المستعمل.
الوظائف: من المفيد لعمل المترجم، أن يزود حاسوبه بمسجل لإنشاء الأقراص المضغوطة (CD Burner) لنسخ الملفات، وكذلك قارئ الأقراص الرقمية (DVD).

تسجيل الأعمال والحيطة عبر تخزينها: يجب علينا أن لا ننسى أن الحاسوب ليس إلا آلة قد تتعرض للقرصنة والعطب والعديد من أنواع الفيروسات، فلا بأس من باب الحيطة (خاصة للأعمال الكبيرة) أن نخزن آخر كل يوم أو يومين، أعمالنا على وسيلة أخرى غير الحاسوب نفسه، وهناك العديد من الوسائل نذكر منها على سبيل المثال:تخزين العمل على قرص مضغوط قابل لإعادة التسجيل (Rewritable CD) ويمكن تحيين المخزون عليه كل يوم من جديد؛تخزين الأعمال والترجمات على ذاكرة فلاش (USB Flash Memory) يمكن حملها معك إلى أي مكان وفتحها والعمل عليها؛كما يمكن بكل بساطة أن تفتح لنفسك حسابا لهذا الغرض على الياهو، وتبعث لنفسك آخر كل يوم رسالة بريدية فيها ملف مرفق يحتوي على أعمالك وترجماتك، فيبقى محفوظا على الشبكة من باب الحيطة.بعض الزملاء يطبعون كل يوم ترجماتهم على الورق فيمكن لهم إعادة قراءتها والمحافظة عليها بهذا الشكل أيضا.

قلت في الحلقة الماضية أنه: "من المؤكد أن المترجم الذي لديه ربط عبر خدمة الخط الرقمي اللامتماثل (ADSL) بالنطاق العريض يعمل براحة كبيرة ويتجاوب بسرعة فائقة مع زبائنه ويستثمر على نحو أمثل الموارد والمسارد الموجودة على الشبكة مقارنة مع زميله الذي لا زال يستعمل الربط الهاتفي العادي أو يتصل عبر مقاهي الإنترنت؛ هذا زيادة على اتصاله الدائم والمتواصل بالشبكة واطلاعه على صندوق بريده الالكتروني في التو واللحظة."
إذا كان المترجم في بداية مشواره المهني، فهو يحاول عادة الحصول على أي عمل متواجد في السوق، ففي هذه الحالة، قد يشكل سرعة الربط بالشبكة والتواجد المستمر نقطة قوة للحصول على الأعمال. فالعديد من الوكالات يتصلون بالنسبة للأعمال المحدودة (500 إلى 2500 كلمة تقريبا) بالعديد من المترجمين إذا كانت المادة لا تحتاج لاختصاص معين أو إذا كانت الأعمال عاجلة ولا تقبل التأخير. وفي غالب الأحيان، أول من يجيب (ولديه المهنية بدون شك) هو أول من يحصل على العمل. لكني أتفهم من ناحية أخرى أن المترجم في بداية مشواره قد تكون إمكانياته المادية محدودة، وإذا اعتبرنا أن الأسعار في بلداننا العربية مشطة (للأسف الشديد)، فقد يعسر عليه الاشتراك في خدمات تكلفه ما بين 30 إلى 70 دولار في الشهر. ومع ذلك فقد أوردت هذا المعطى حتى يضعه المترجم في حسبانه إذا تحسنت مداخيله وقرر الاستثمار في الأدوات المهنية المفيدة في عمله.

2/ البرامج الحاسوبية
تنبيه: سنتحدث بالتفصيل عن برامج الترجمة المستعينة بالحاسوب وذاكرات الترجمة، في الفصول الأخيرة إن شاء الله وسوف نبين طرق استعمالها، أما في هذا المقام، فسنقدم أنظمة التشغيل والبرامج الأساسية التي يحتاجها المترجم في عمله اليومي.
ويندوز أم لينوكس أم سولاريس... ؟ جينو أم البرامج المحمية ببراءات الاختراع ؟
ليس من مشمولات هذا العمل الخوض في الفلسفات الفكرية والتجارية القابعة وراء البرامج الحاسوبية. لكن لا بأس بالتذكير بهذه المناسبة (ولو للثقافة العامة) بأن عالم البرامج الحاسوبية ينقسم إلى خطين مختلفين:
- البرامج التجارية المحمية ببراءات الاختراع والتي يمكن (تقنيا وفعليا) شراؤها أو إيجارها كما يمكن (تقنيا وفعليا) قرصنتها (وهو مخالف للقوانين التجارية)، وتملكها شركات صغرى أو شركات عملاقة ومتعددة الجنسيات وعلى رأسها مايكروسوفت؛
- البرامج الحرة، التي يطورها أصحابها ويضعونها مجانا على ذمة العموم، تبعا لمبادئ فكرية أو إنسانية أو غيرها، ويطورها كل متخصص في هذا الميدان تحت نظام عمل جماعي.
يمكن الاطلاع على معلومات شافية في هذا الموضوع الهام (ما وراء البرامج الحرة) على هذا الرابط:
كما يمكن الاطلاع على قائمة لبعض البرامج الحرة على موقع جريدة العالم الدبلوماسي على هذا الرابط:
ومثال لموقع "مفهوم" العربي الذي يستعمل البرامج الحرة:http://www.mondiploar.com/
ولعل أكثر المواقع التي تستعمل رخصة الوثائق الحرة شيوعا هو موسوعة ويكيبيديا (Wikipedia)، فانظر هنا للتعريف: ar.wikipedia.org
إن البرامج الحاسوبية وذاكرات الترجمة وغيرها من الآليات المعلوماتية التي نتعرض لها في هذه السلسلة تأتي من كلا الخطين: بعضها محمي ببراءات الاختراع والبعض الآخر متاح مجانا للاستعمال والتطوير.

نظام التشغيل: (OS, Operating System) إذا كنت من الذين يستعملون برامج ويندوز، فالرأي أن تختار أحد أنظمة التشغيل التالية لأنها تفي بأغراض الترجمة من احتياجات لغوية (استعمال العربية..) وقدرة عالية في المعالجة (ذاكرات الترجمة تتطلب أنظمة جيدة وقديرة..):ويندوز إكس بي 2003 مع تحيين المجموعة الخاصة الثانية (Windows XP – SP2) أو:ويندوز 2000.

الكتابة والملفات والنشر المكتبي: بالنسبة لبرامج معالجة النصوص والوثائق والملفات والوسائط المتعددة، ننصح أن تفعل البرامج التالية على حاسوبك:برنامج أوفيس 2003 مع تحيين المجموعة الثانية (Office Pro 2003 – SP2)، وكما هو معلوم يحتوي على : ورد – إكسل – بابليشر – باور بونت ويمكن إضافة فرونت بايج كذلك.
نستعمل كثيرا في الترجمة لفتح وتخزين الملفات نظام أدوب أكروبات، وينقسم إلى قسمين أساسيين: نظام للقراءة (Adobe Acrobat Reader) ونظام للكتابة (Adobe Acrobat Writer). يمكن تحميل الأول مجانا من موقع الشركة المنتجة، أما الثاني فهو معروض للبيع... وننصح في هذه الحالة باقتناء نسخة: Adobe Acrobat 6.0 Professionnel فما فوق. فالعديد من الكتب والكتيبات والمنشورات والصور ومختلف الوثائق التي تردنا من الزبائن المباشرين أو من مكاتب الترجمة ترد بنظام أكروبات: ملف وثيقة محمول (PDF Portable Document File)، ويطلب الزبائن إعادة الترجمة تحت نفس النظام. هناك أيضا برنامجا آخر له علاقة بهذا الأخير: إذا سلمك زبونك وثيقة بي دي أف وطلب منك ترجمتها مع المحافظة على نفس الشكل والتقديم، فستعترضك مشكلة تقنية: وهي عدم إمكانية نسخ/إلصاق كل محتوى الوثيقة للعمل عليها أو تحويرها وترجمتها للغة المطلوبة إذا كانت على نسق بي دي أف. في هذه الحالة ستحتاج لبرنامج لتحويل هذه الملفات إلى نسق ملف ورد، تشتغل عليه ثم تعيد تسجيله تحت نسق بي دي أف لتسليمه لزبونك. توجد برامج بمقابل مثل سوليد كونفرتر (Solid Converter PDF)http://www.solidpdf.com/ وأخرى مجانية مثل البرامج المتواجدة على الرابطين التاليين: http://www.primopdf.com/ و http://www.pdf995.com/
لا بد من برنامج ضغط الملفات، حتى يتسنى لك تصغيرها عند التسليم وقراءتها عند التسلم. يمكن استعمال برنامج وين زيب (Winzip) مثلا ، كما يمكن التزود بالبرنامج المنافس وهو جيد جدا كذلك: وين رار (WinRAR)، وكلاهما يعالج مختلف أنساق الملفات (والبرامج أيضا) المضغوطة.المترجم المحترف المنتصب لحسابه قد يحتاج لنظام جافا، ويصفه الاختصاصيون كما يلي: لغة برمجة شيئية طورتها في الأصل شركة صن ميكروسيستيمز. أما بالنسبة لنا كمترجمين فلا تهمنا الجافا كلغة برمجة بقدر ما تهمنا كلغة قراءة وفتح العديد من البرامج التي نستعملها ومنها بعض ذاكرات الترجمة كما سنرى في الفصول المخصصة لهذا المحور.
إن العديد من الزبائن الراغبين في ترجمة ملفاتهم، يطورونها تحت نظام إلوسترايتر (Illustrator) وهو برنامج يستعمله المصممون بكثرة وقد نشأ تحت نظام أبل ماكنتوش، إلا أنه يشتغل الآن على ويندوز أيضا، هذه الوصلة لموقع خلاد (وهو الوحيد في العالم العربي تقريبا، وعليه وجب الشكر والتقدير) تقدم دروسا إذا احتجت لاستعمال هذا البرنامج:
إذا أردت تقديم أكثر خدمات كمترجم قادر على العمل بمختلف أنواع الملفات والأنظمة والأنساق أي ما يسمى النشر المكتبي (DTP Desk Top Publishing)، فزيادة على إلوسترايتر، يجب أن تكون ملما أيضا بنظام كوارك إكس بريس (Quark Xpress)، وهو البرنامج المفضل لطباعة الصحف والكتب والمجلات والمستعمل يوميا من طرف المحررين والمصممين والناشرين في المجال الصحفي والمطبعي ويقدم لنا هذا الموقع نبذة عن استعمالاته ويقدم منافسه إين ديزاين (InDesign) : http://nadi.alkahf.com/showthread.php?t=1278 كما يمكن بالنسبة لمن يجد نفسه مجبرا على العمل على برنامج إين ديزاين أن يطلع على النسخة الخاصة باللغة العربية على هذا الرابط:
حساب عدد الكلمات في النص (للمترجم) و/أو حساب ساعات العمل (للمراجع): يحتاج المترجم كما نعلم لحساب عدد الكلمات في النص الذي سيترجمه وتشكل هذه العملية قاعدة الفوترة. أصبح عدد الكلمات هو الوحدة التي يقدم بها المترجم ثمن أتعابه، مع أن بعض الزبائن القلائل لا زالوا يتعاملون بعدد الصفحات. هناك العديد من البرامج الحاسوبية لعد الكلمات، أبسطها هي الآلية الموجودة في ورد حيث تفتح النص ثم تنقر في أعلى البراوزر على أدوات ثم إحصائيات فيقدم لك عدد كلمات النص. وتقدم أيضا شركة براكتيلاين برنامجا محترفا للإحصاء بالكلمة أو بالسطر أو بالحرف أو بالصفحة (وتحدد بنفسك في هذه الحالة عدد كلمات كل صفحة). يسمى البرنامج: براكتيكاونت أند إينفويس (PractiCount and Invoice)، ويوفر لك أيضا برنامجا للفوترة خاصا بالمترجمين، انظر: http://www.practiline.com/. هناك أيضا شركة أخرى تقدم هذه البرامج التي تمكنك من حساب الكلمات أو الوقت الذي أمضيته، وقد يكون ذلك مفيدا للمراجعين بصفة خاصة: http://www.translation3000.com/
البحث داخل حاسوبك بطريقة سريعة: قد تحتاج طيلة عملك إلى البحث عن ملف أو وثيقة أو رسالة، موجودة في حاسوبك ولكنك لا تعرف أين هي. تقدم معظم محركات البحث العالمية أداة بحث متطورة تعمل "كمفتش" في دهاليز حاسوبك، يمكن تنزيل هذه البرامج المجانية من الشبكة وتركيبها فتجنبك عناء بحث طويل يوفر لك وقتا ثمينا وهذه قائمة لتنزيلها:
البرامج المضادة للفيروسات والحماية: تحدثنا في فقرة الوظائف الواردة أعلاه، عن تسجيل العمل وتخزينه خارج الحاسوب من باب الحيطة والحذر. ففي نفس السياق يجب تفعيل برامج الحماية من الفيروسات وسنكتفي باثنين، لعل أشهرها هو منتج نورتون لشركة سيمانتاك http://www.symantec.com/index.htm . نذكر أيضا البرنامج الجديد الذي يأخذ مكانة متقدمة كل يوم ويمكن تنزيل نسخة تجريبية من هنا: http://www.nod32.com/download/trial.htm . كما أن برنامج أفاست محبذ أيضا ويستعمله العديد من الزملاء، وفيما يلي الرابط إلى الموقع حيث يمكن تنزيله مجانا: http://www.avast.com/
لا بد من التذكير بأن تحيين هذه البرامج بصفة مستمرة مطلوب للمحافظة على سلامة حاسوبك من الفيروسات والقراصنة ومن لف لفهم. كما نعلم أن بعض الزملاء يعملون بحاسبيْن: أحدهما مرتبط بالشبكة والآخر (محمول عادة) لا يتصل بالشبكة أبدا وينقلون منه وإليه أعمالهم وأشغالهم.
لعلنا أكثرنا في هذا الفصل من البيانات التقنية، ولكنها لازمة في بعض الحالات، وتجعلك تأخذ بالأسباب. فهل يعقل أن يقود أحدنا سيارة من النوع الرفيع، ولا يعلم حتى أبجديات استعمالها ؟ وعليه وجب الإعلام والسلام عليكم
.

النص: عبدالودود العمراني
المراجعة والتدقيق: د. لميس معلوف